كتاب القوس والفراشة – رواية لـ محمد الأشعري
كتاب القوس والفراشة – رواية اللغة : العربية دار النشر : المركز الثقافي العربي سنة النشر : 2011 عدد الصفحات : 336 نوع الملف : مصور |
وأوضح الناقد أسليم، في مداخلة له أن هذا العمل الأدبي “الذي كرس صوت محمد الأشعري روائياً”، يتيح تبين وجود خيط رفيع بينه وبين سلفه (جنوب الروح)، وذلك في نقطتين على الأقل، تتعلق أولاهما بالتوليف بين معالجة الموت باعتباره موضوعة كونية وبين التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي مع فارق كون العمل الأول ركز على موت المكان فيما وقفت الرواية الأخيرة على موت أشخاص محددين.
بينما تهم النقطة الثانية التقاطع، عبر الكتابة الروائية، مع ما يتم التوصل إليه في حقول معرفية مثل الأنثربولوجيا والتحليل النفسي حيث يرى الناقد أنه مثلما أتاحت رواية “جنوب الروح” الوقوف على بنية المجتمع المغربي التقليدي سارت رواية ” القوس والفراشة ” على المنوال نفسه مع بعض الخلاصات المرتبطة بمجتمعات الحداثة وما بعدها والمتمثلة في “إنعدام اليقين ونهاية الطوباويات والتواريخ الكبرى لفائدة الحكايات الفردية وتلاشي الزمان لفائدة المكان وسيادة الحديث عن نهايات (نهاية اليقين، نهاية المثقف، نهاية السياسة … إلخ).
وفي رصده لمظاهر تصدع الرابط الاجتماعي التقليدي في رواية “القوس والفراشة “، أكد الناقد محمد أسليم أن هذا الرابط يبدو منهارا ومفككا على كافة الأصعدة (سلطة الأب،اختلاف الأجيال والعلاقة بين الجنسين …)، مشيراً إلى أن هذا التفكك يفرز ملامح “الرابط الاجتماعي الجديد” المنبني على الاهتمامات المشتركة واللحظية والتعدد وقابلية المتاجرة “، وهي العناصر التي يمكن تبينها، حسب الناقد، في الرواية.
ومن جانبه، حاول الشاعر والناقد خالد ذهيبة تبين القواسم المشتركة بين الرواية الأولى “جنوب الروح” ورواية “القوس والفراشة” معتبراً أن أي قراءة للرواية الأخيرة لابد وأن تنطلق بدء من قراءة “جنوب الروح” التي حاولت كتابة تاريخ “آل الفرسيوي”.
واعتبر أن رواية ” القوس والفراشة ” تعد استمرار لما جاء في ” جنوب الروح ” لكن بنوع من التنويع على الفكرة ذاتها “حيث تكتب تاريخ ثلاث أجيال من تاريخ سلالة الفرسيوي وتعمل من الناحية الفنية على تنضيد المحكيات الخاصة بكل شخصية على حدة.
ويرى الشاعر أنه إذا كانت رواية “جنوب الروح” رواية حنين لإستعادة جذور سلالة يتهددها الانقراض فإن “القوس والفراشة” هي تراجيديا حقيقية يواجه فيها الأبطال مصيرهم المأساوي وهم واعون به.
وخلص إلى أن رواية “القوس والفراشة” هي محاولة، بالدرجة الأولى، للبحث عن أسئلة للحظة التاريخية الراهنة على مستويات عديدة، مبرزاً، في الوقت ذاته، غنى هذا العمل الإبداعي من حيث الموضوعات وطرحه لقضايا هادفة وتقديمه بلاغة قاسية في قراءاته للحظة التاريخية المغربية الراهنة.
ويجدر الإشارة أن هذه الرواية هي الرواية الحائزة على جائزة البوكر العربية 2011 من أصل لائحة طويلة ضمت 123 ترشيحاً من جميع أنحاء العالم العربي وأفغانستان.
نقتطف نصاً من هذه الرواية: “أنا يوسف الفرسيوي وهذا أبي، أنجبني من ألمانية رقيقة، لم تجد طريقة أقل سوءً لإنهاء حكايتها المضطربة سوى الإنتحار، في يوم مفتوح للصيد، قضته مع والدي تصيد الحجل والأرانب في الغابة الحرشة، حتى إذا أشرفت الشمس على المغيب، رتبت الطرائد والمعدات والألبسة وسلات الاكل، وعلب المشروبات بعنايتها المعهودة التي تفجر أعصاب والدي، ثم صعدت إلى المقعد الأمامي، وربطت حزام السلامة في نفس الوقت الذي أرخت فيه عنان بتهوفن من تسجيلها الأثير.
في طريق العودة طلبت من والدي أن يمر من الطريق الجبلي الذي يطل في قسمه الأول على المدينة وفي ما تبقى منه على الأطلال؛ قالت بوداعة إنها تود أن ترى غروب الشمس، فإستجاب لها الفرسيوي على غير عادته، بدون نقاش ولا مماحكة، مما جعله يؤكد غير ما مرة بعد وقوع الحادث، إنها وحدها الإرادة الإلهية كان يمكن أن تطمس بصيرته لهذا الحد، فلا يلاحظ أنها لأول مرة في حياتها تعبر عن هذه الرغبة، وأنه أبداً، لم يقف معها على مرتفع، ولا على منخفض، ليرى شمساً من شموس الله، تغرب أو تشرق أو تفعل بنفسها ما تشاء!…