كتاب المشرق في نظر المغاربة والأندلسيين في القرون الوسطى لـ الدكتور صلاح الدين المنجد
المشرق في نظر المغاربة والأندلسيين في القرون الوسطى |
عنوان الكتاب: المشرق في نظر المغاربة والأندلسيين في القرون الوسطى
المؤلف: الدكتور صلاح الدين المنجد
المترجم / المحقق: غير موجود
الناشر: دار الكتاب الجديد – بيروت
الطبعة: الأولى 1963 م
عدد الصفحات: 124
حول الكتاب
عرف الباحثون في الشرق والغرب الدكتور صلاح الدين المنجد باحثا لامعا في تراث المخطوطات الإسلامية التي عمل على تصويرها وإحياء بعضها بالنشر منذ أن تولى عمله في الإدارة الثقافية للجامعة العربية.. كما عرفه الباحثون في الشرق والغرب. يجوب الأقطار بحثا وتنقيبا عن نوادر المخطوطات ونفائس الكتب التي ألفها الأجداد.. يحاضر ويناقش. ويكتب الأبحاث في المجالات العلمية الراقية.. فهو ليس غريبا عن الأندلس والمغرب وتاريخها وحضارتها..وقد زار المغرب وحاضر في المعاهد والأندية وربط صلات متينة مع كثير من الباحثين المغاربة وتبادل معهم الرأي في كثير من الموضوعات التي تعم بالكتابة والبحث حولها.والدكتور المنجد شامي دمشقي فهو لذلك مغرم بسورية ودمشق بنوع أخص.. ولا ننسى أن موضوع محاضرته التي ألقاها بفاس كان يدور حول مدينة دمشق في أقلام الرحالين المغاربة والأندلسيين الذين زاروها في مختلف العصور وكتبوا عنها في مؤلفاتهم ورحالاتهم صفات طويلة.. يصفون عمرانها ومساجدها وآثارها ومجالس العلم والأدب بها..واليوم يخرج لنا الدكتور المنجد في كتابه الجديد عم المشرق في نظر المغاربة والأندلسيين في العصور الوسطى.. ولاشك أن نواة الكتاب هي محاضرته في فاس عن دمشق. ثم أضاف إليها أشياء أخرى عن مصر والعراق وأخرج كتابه هذا الذي نتحدث عنه اليوم هذا الحديث.فماذا في هذا الكتاب.. ؟إنه مجموعة جغرافية وتاريخية اقتطفا المؤلف من رحالات المغاربة والأندلسيين الذين رحلوا إلى الشرق لأداء فريضة الحج وطلب العلم والاتصال بشيوخ المعرفة في كل من دمشق والقاهرة والإسكندرية وبغداد.. وهؤلاء الرحالون منهم :– ابن العربي المعافري.– والإدريسي– وابن جبير– وابن رشيد– وابن بطوطة– والمقري– والعبدري– والعياشي– وابن سعيد.ورحلات هؤلاء جلها ما زال في عالم المخطوطات لم تر النور بعد في مطبعة من المطابع.. ولذلك عمد المؤلف إلى تلخيصها ودراستها ونشر مقتطفات منها.. تعطينا وجهة نظر هؤلاء الرحالين غ يعوائد أهل المشرق وأخلاقهم ونظامهم وحضارتهم وثقافتهم..وعنصر الأهمية في هذه المقتطفات هو أنها تصور الحياة الشرقية في تلك العصور أصدق تصوير وتعطينا معلومات دقيقة بقلم شاهد عيان، لم يتنبه لها المؤرخون الذين يسجلون الحوادث البارزة في الدول والحكومات. غير مهتمين بالحياة الاجتماعية اليومية ودولابا المتحرك بشتى العادات والتقاليد والاتجهات… وقد كان الرحالون المغاربة والأندلسيون يزورون المشرق ولا ينفكون يبحثون عن كل ما جد فيه من شر وخير. وفن وفكر.. وهم لذلك يطلبون المقام فيه المشهور والعوام ويلابسون الحياة فيه ملابسة تطلعهم على خبايا الزوايا وخفايا الأسرار والأحداث.فمنهم من كان عفيف القلم واللسان يدرون مشاهدته اليومية ويتغاضى عن العورات والزلات والمعايب.. لأنها ضرورة اجتماعية لم يخل منها زمان ولا مكان..ومنهم من كان صارما شديدا لا يرى شيئا إلا سجله كان شرا أو خيرا بل إن منهم من كان يبحث المعايب والنقائض ليسجلها كما فعل الرحالة العبدري الحاجي.. الذي خرج من حاجة قرب مدينة الصويرة سنة 688هـ ورحل إلى الشرق وكتب رحلة ممتعة جامعة ولم فيها شيئا من الصراحة والنقد بل الشتم أحيانا..!ونحن مع المؤلف لا نتحمل وزر ذلك وإنما نسجل بأمانة ما كتبه أولئك الرحالون في تلك العصور الغابرة.. من غير أن نحيد عن خطة البحث النزيه..!ومنهم من كان مغرما بالعلم والعلماء والأخبار والآثار فجمع في رحلته كل ما استطاع أن يجمعه من الفوائد والمعومات. كما فعل الرحالة ابن بطوطة المغربي. وابن جبير الأندلسي..كانت لهؤلاء الرحالين الذين عبروا المفازات والأقطار.وإن الباحث ليحار في تقدير هذه العزائم التي كانت لهؤلاء الرحالين الذي عبروا المفازات والأقطار البعيدة من أجل الأخذ عن أستاذ. أو البحث عن شيخ.. أو تسجيل معلومات وأخبار.. في عصر كانت فيه وسائل المواصلات شاقة ومضنية..والغريب أننا نجد منهم من لم يقنع بالرحلة الواحدة إلى المشرق بل اتبعها في رحالات أخرى مستسهلا كل صعب في سبيل تحقيق هدفه في الإطلاع والمعرفة واقتباس الأخبار والآثار..!بعد هذا العرض نرجع إلى مؤلف الكتاب ومجهوده في جمعه وترتيبه.والحقيقة أن المؤلف لم يكتف بالاقتطاف والاختيار ولكنه عمد إلى التعليق والتحليل أحيانا بما يعلمه حول الموضوعات التي أثارها هؤلاء الرحالون.. كما فعل مع العبدري حينما رأى صراحته وتسجيله للمعايب والقبائح التي شاهدها..كما أنه أعطانا صورا إن لم تكن وافية فهي مقتضبة عن تراجم هؤلاء الرحالين وما امتازوا به من دقة في الملاحظة وذكاء وإطلاع.ولا ننس أن نواة الكتاب كانت محاضرة ألقيت في مدينة فاس فلهذا اتخذ الكتاب طابع المحاضرة لا طابع البحث.. وأصبحت قراءته ممتعة لذيذة يجني منها القارئ ولاسيما إذا كان من عشاق الأدب المغربي والأندلسي أطيب الثمرات وأحسن الفوائد.ولا نودع هذا الكتاب دون أن نوجه نقدا إلى المؤلف من ناحيتين :ناحية شكلية : وهي أنه اقتصر في كتابه على ما دونه الرحالون عن العواصم الثلاث : القاهرة–ودمشق- وبغداد.. ومع أن كلمة المشرق التي في عنوان الكتاب تشمل مدنا أخرى..ناحية موضوعية : وهي أنه اقتصر على بعض الرحالين الذين زاروا المشرق العربي في العصور الوسطى.. ولعل ذلك يرجع إلى أن الكتاب في صورته الجديدة ليس إلا محاضرة كتبت لتلقى في زمن محدد.. ثم طبعت على أنها كتاب!!وأيا كان فالكتاب ممتع ومفيد.
احتاج الكتاب من فضلكم