كتاب نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي لـ أ.د.عبد الكريم بكار
كتاب نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي |
عنوان الكتاب: نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي
المؤلف: أ.د.عبد الكريم بكار
المترجم / المحقق: غير موجود
الناشر: دار القلم – دمشق
الطبعة: الثالثة 1432 هـ / 2011 م
عدد الصفحات: 151
حول الكتاب
لم تكن حاجة الناس في أنحاء المعمورة ماسة إلى الهداية الربانية في يوم من الأيام كما هي اليوم، حيث يقود العالم على مستوى التوجهات العريضة رجال الفكر والفلسفة والسياسة والإعلام، وهؤلاء هم أكثر الناس حيرة واضطرابا وخوفا من المستقبل؛ وأدى الإنتاج المادي الضخم في عالم الأشياء إلى الشعور لدى كثير منهم بالفخر والاعتزاز بما أنجزوه من السيطرة على الطبيعة، كما أنتج ذلك نوعا من الشعور بالاستغناء عن هداية السماء !.أما السواد الأعظم من المثقفين والعامة فإنهم ليسوا هنا ولا هناك، حيث غرقوا في التفاصيل والجزئيات المتعلقة بهوامش الحياة، وغفلوا عن ضرورة التأمل في الغاية من الموجود ومآلات الأنشطة المحمومة لهذا الإنسان. لكن الجميع في النهاية يقفون على أرض هشة مائجة بالخوف والقلق والحيرة والكآبة والتشاؤم من المستقبل، وعطالة القوى الروحية وعزلها عن أنشطة الحياة العامة.هذه الصورة تنطبق بصورة أساسية على شعوب عالم الوفرة والتمكن العلمي والتقني . أما الأمة التي أودع الله فيها عقيدتها ومبادئها إمكانات هداية العالم وإرشاده، كما أودع في أراضيها ودماء شبابها وسواعدهم إمكانات ضخمة تؤهلهم لأن يكونوا رقما صعبا متميزا في عالم المادة وموازين القوى، فإنها تواجه مشكلات كثيرة على الصعد الثقافية والاجتماعية والتقنية والاقتصادية والسياسية.وأخطر ما في هذه المشكلات أن العديد منها ينتمي إلى ما يمكن أن نسميه بـ (الدورات الرديئة)؛ حيث إن كل مشكلة منها تفرز من المشكلات ما ينميها، ويمدها بأسباب البقاء؛ فيتولد عن ذلك نوع من الحيرة في الخروج من الأزمات والمآزق المختلفة.ويزيد الطين بلة أننا لسنا على دراية حسنة بجذور مشكلاتنا والآليات التي تجعلها تستمر وتتكاثر؛ كما أن خبرتنا بالخيوط التي تربط بين مشكلاتنا العديدة أيضا متواضعة.وقد أفاء الله – جلا وعلا – على هذه الأمة بنوع من الأوبة الشاملة إلى دينه وشريعته، حيث بدأت الأمة تتحسس معالم الطريق، وتتفقد أماكن الإصابة في جسدها، كما شرعت في اكتشاف القوى المذخورة في كينونتها. وهذا الكتاب الذي بين يدي القارئ جزء من سلسلة رأينا تسميتها بـ ((المسلمون بين التحدي والمواجهة)) وقد اخترنا أن نعالج في هذه السلسلة موضوعات حضارية عامة للأسباب التالية :1- إن مجالات البناء والصراع الحضاري حين تكون رحبة ومتعددة فإنها تتيح لكل فرد من أفراد الأمة المساهمة فيها؛ كل في مجاله وتخصصه.2- إن المواجهة التي فرضت علينا مواجهة شاملة، وعلى كافة الصعد، ومن ثم فإن تفهمها والصمود في وجهها وكسر موجاتها يحتاج إلى التحرك الشامل على كل المحاور، وبجميع ما يحتاج من أساليب ووسائل.3- إن محاور التحضر المختلفة تتفاعل، وتتكامل بعضها مع بعض، والعمل عليها جميعا يتيح دعم الضعيف منها من خلال تركيز أكبر على المحاور الأخرى، فحين يصاب شعب ما بكوارث مادية مثلا فإن بإمكانه الاعتماد على ما لديه من رصيد أخلاقي وتواصل اجتماعي في تحمل تبعات الكارثة وحفظ توازن شخصيته.4- إن قبول التحدي على المستوى الحضاري يؤهلنا لمحاولة امتلاك عناصر (الرؤية الشاملة) التي تغطي مساحات واسعة من الأحداث والأفكار؛ تلك الرؤية التي تعد مهمة جدا على الصعيد العملي إذا ما أردنا ترتيب الأولويات وتذليل سبل الموازنات وتفادي اختناقات العمل.