|

كتاب العقد الإداري؛ الجوانب القانونية والإدارية والأدبية

BORE02 2326
عنوان الكتاب : العقد الإداري؛ الجوانب القانونية والإدارية والأدبية (دراسة تحليلية وحلول مقترحة)
المؤلف : بشار جميل عبد الهادي
الناشر :دار الثقافة للنشر والتوزيع
الطبعة :2015
الصفحات : 185
المجلدات :1
الصيغة :مصور
وصف الكتاب
تقوم الإدارة العامة في الدولة بمباشرة اختصاصات وسلطات ونشاطات عديدة، ومن هذه الاختصاصات والسلطات والنشاطات ما يسمى (بالأعمال المادية) ومنها ما يسمى (بالأعمال القانونية).
ويقصد (بالأعمال أو التصرفات المادية) ما تقوم به الأجهزة الإدارية في الدولة دون أن ترمي بذلك إلى إحداث آثار قانونية سواء أكانت هذه الآثار إيجابية أم سلبية، مثل القيام بوضع بعض الآلات والأدوات في المخازن المخصصة لها، وتهذيب بعض الأشجار والمزروعات، وتصليح بعض الطرق والممرات الخاصة بها وغير ذلك من أعمال وتصرفات.
وفي تقديرنا الشخصي فإن أغلب مثل هذه الأعمال والتصرفات تكون تنفيذاً مادياً لأوامر أو لقرارات إدارية تصدر عن الجهات الإدارية المختصة. أما (الأعمال أو التصرفات القانونية) فيقصد بها ما تقوم به الأجهزة الإدارية في الدولة وترمي بذلك إلى إحداث آثار قانونية محددة سواء أكانت هذه الآثار تجاه نفسها أم تجاه مواطنيها أم تجاه الغير والناس.
وتنقسم (الأعمال والتصرفات القانونية) إلى قسمين رئيسين يتمثلان في الآتي: أولاً: الأعمال أو التصرفات التي تقوم بها الأجهزة الإدارية المختصة من طرفها فقط دون أن يشاركها بذلك أحد. ومن أهم الأمثلة على هذه الأعمال (القرارات الإدارية). ثانياً: الأعمال أو التصرفات التي تقوم بها الأجهزة الإدارية المختصة بالاشتراك مع طرف أو أطراف أخرى عن طريق التوافق والتفاهم والرضى والتقاء الإرادات الحرة بين الجميع لإحداث آثار قانونية تتمثل في إنشاء التزامات معينة أو تعديل أو إلغاء التزامات قائمة ونافذة، ويطلق على هذه الأعمال أو التصرفات اصطلاح (العقود الإدارية) ذات الطبيعة الاتفاقية.
إن العقد الإداري لا يتم إلا بتوافق إرادتين هما إرادة الجهة المختصة بالجهاز الإداري في الدولة ومن يمثلها قانوناً، وإرادة الطرف الآخر الراغب في التعاقد معها سواء أكان فرداً أم عدة أفراد أم شخصية معنوية.
وفي هذا الإطار فإن التوافق والتفاهم والرضى هم من المقومات الأساسية والركائز الفعلية والواقعية لهذا العقد، لأنه دون هذه الأسس والمعايير والوقائع لا نكون بصدد عقد إداري وإنما نكون بصدد تصرفات أخرى مثل الأعمال المادية أو الأعمال القانونية الأحادية المنفردة كالقرارات الإدارية. وإذا كانت جميع الأعمال والتصرفات التي تقوم بها الأجهزة الإدارية سواء أكانت أعمالاً وتصرفات مادية أم قانونية يجب أن تخضع ــ في رأينا الشخصي ــ إلى سلطان المشروعية، أي يجب أن تكون في إطار الدستور والقوانين والأنظمة والتعليمات القائمة في الدولة، فإن العقود الإدارية ذات الطبيعة التوافقية والتفاهمية والرضائية لا تنجو أيضاً رغم كل هذه الصفات من الخضوع إلى إجراءات والتزامات وأهداف تحكمها التشريعات المختلفة النافذة، لأن (الحرية التعاقدية) ليست حرية مشرعة الأبواب، بل هي حرية ملتزمة بأصول قانونية وإدارية وأدبية يجب احترامها ومراعاتها في كل وقت وحين.
إن العقود الإدارية في معظم دول العالم تعد وسيلة من الوسائل القانونية المهمة التي تسعى إلى المحافظة على سير المرافق العامة بانتظام واطراد، وتدعم سير العمليات الإدارية والنشاط الإداري في الدولة دعماً قوياً وواقعياً وضرورياً، وتحقق الأهداف السياسية والاجتماعية والوظيفية والإدارية والاقتصادية والمالية للأجهزة الإدارية المختلفة. ولولا هذه الوسيلة الاتفاقية الرضائية السهلة واليسيرة لوجدت في نطاق الواقع العملي والتطبيقي عثرات صخرية معقدة وصعبة تحول دون تحقيق معظم هذه الأمور!.
ولهذا، فقد اهتم الفقه الإداري في كثير من الدول اهتماماً كبيراً بدراسة هذه العقود الإدارية، وتوافرت بالتالي مؤلفات قيمة ومحترمة تناولتها من حيث نشأتها ومعايير تمييزها وكيفية وإجراءات إبرامها وأركانها وشروط صحتها وسلطات والتزامات وحقوق الطرفين المتعاقدين فيها وإنهائها وانتهائها وتفسير نصوصها وغير ذلك من قواعد وأحكامها الشمولية العامة.
ومع بالغ التقدير والاحترام لهذا الفقه الإداري الذي تعلمنا وما نزال نتعلم منه الكثير، إلا أنه قد تعمد لسبب رآه أو لغياب مجموعة من الأمور الجديدة والاجتهادية والدقيقة والحساسة والمهمة المتعلقة بالعقود الإدارية عنه، إغفال الحديث عن بعض المسائل التي سنتناولها في حينها، لاسيما في ظل التطور الهائل الذي تعايشه الأجهزة الإدارية في الدول المختلفة، والإيقاع السريع الذي يقطع الأنفاس أحياناً والمتعلق بتقدم ورقيّ النظرات العلمية والمسائل والإجراءات والموضوعات الإدارية وعلى رأسها العقود الإدارية.
وبالرغم مما تقدم، فإننا نرى بأن أيّ بحث علمي يجب أن لا يخلو في كل الأحوال من تناول (أهم) الجوانب القانونية المبدئية الشمولية العامة للعقد الإداري، ومن ثم تناول الجوانب المستجدة والاجتهادية التي تحيط به والمقترنة بتقديم التطلعات الفكرية والحلول العلمية والتطبيقية في مجاله الواسع العريض.
وأساس ذلك في تقديرنا الشخصي، أن البحث في العقود الإدارية ومعالجة أهم جوانبها المختلفة لا يكون للقضاة والمحامين ورجال القانون فقط، وإنما يكون لكل شخص كائناً ما كان موقعه في الدولة، ويهمه أن يفهم ويدرك أهم الأمور والأبعاد والإجراءات والموضوعات المتعلقة بالعقد الإداري، لاسيما وأن هذا العقد قد أصبح وسيلة واسعة الطيف وأداة قانونية يكثر اللجوء إليها في الوقت الراهن لأنها تحقق مصالح كبرى لأجهزة الإدارة العامة من جهة، وللمتعاقدين معها من جهة أخرى. وفي إطار ما تقدم، نود الإشارة السريعة في هذا المجال إلى أن الدراسات النظرية الجادة والموضوعية والمحاطة بشيء من التروي والاتزان والعمق والمقترنة ببعض الاجتهادات الفكرية الشخصية والتجارب العملية والواقعية والحلول المناسبة البسيطة وغير المعقدة، هي الأساس القوي الثابت الذي يجب أن تبنى عليه الممارسات التطبيقية في العمل الرسمي وفي العمل الخاص.
ودون مثل هذه الدراسات والأبحاث يظل الضوء أمام المهتمين من رجال القانون وغيرهم من الناس خافتاً عاجزاً عن إبراز أهم الجوانب العلمية والمعرفية اللازمة والضرورية حتماً لأداء الوظائف والأعمال أياً كان نوعها وأياً كانت طبيعتها.
ولهذا يجب علينا هنا وبعد إدراك هذه الحقيقة معالجة هذا الموضوع المتعلق بالعقود الإدارية بكل اليسر والسهولة ليكون واضحاً ومفهوماً ومحاطاً بالرقة والدلال العلمي لدى جميع المهتمين به، وذلك للسعي نحو الاستفادة الحقيقية من أهم جوانبه المختلفة.

  

ملف الكتاب    تواصل معنا

 

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *