كتاب تاريخ مصر القديمة من فجر التاريخ حتى إنشاء مدينة الإسكندرية
كتاب تاريخ مصر القديمة من فجر التاريخ حتى إنشاء مدينة الإسكندرية المؤلف : ألكسندر شارف اللغة : العربية ترجمة : عبد المنعم أبو بكر سنة النشر : 2013 عدد الصفحات : 260 نوع الملف : مصور |
ربما كان من الضروري- قبل أن نبدأ في عرض التاريخ المصري القديم بأحداثه- أن نجيب عن سؤالين، أما أولهما فهو: ترى هل ثمة نفع من وراء دراسة التاريخ وحضارة شعب كان له المقام الأول في الأحقاب السالفة.. على دثوره وانقطاع ما بيننا وبينه من صلات؟.. وأما ثانيهما فهو: لماذا نعيد المحاولة اليوم في تقديم عرض جديد لتاريخ الشعب المصري القديم وننشره في ألمانيا التي تمزقت أوصالها ووقعت فريسة لأقسى تجربة مرت على أي شعب من الشعوب في أية فترة من فترات التاريخ البشري؟
إن كل هؤلاء الذين لا يعيشون في حاضرهم، ولا يقنعون إلا بأن يمدوا أبصارهم نحو آفاق أوسع مما تحيط بهم، ويشعرون بالقيم التاريخية، والذين يحاولن التعرف على كنه الأشياء.. يتساءلون من أين أتت وكيف نشأت؟ وهؤلاء جميعًا لا يجدون إجابة عن أسئلتهم إلا عند ذلك الشعب المتحضر الذي عاش على ضفاف النيل. ويكفي أن نذكر أمرين لا يمكن لحياتنا اليومية أن تقوم بدونهما، وكلاهما نشأ في مصر القديمة: أولهما تقويمنا الشمسي وتقسيم السنة إلى اثنى عشر شهرًا، والشهر إلى ثلاثين يومًا، وثانيهما فكرة الحروف الأبجدية، أو بمعنى آخر أنه أصبح في الاستطاعة كتابة أية لغة في العالم بواسطة علامات محددة العدد.. كل علامة منها تدل على حرف معين.
وليس هناك أمة واحدة من أمم العالم تستطيع منافسة مصر في ترابط عصور تاريخها، فنحن نستطيع أن نتتبع تطور الأحداث التاريخية والتدرج الحضاري لها طوال أربعين قرنًا دون أن تنقطع بين أيدينا حلقات السلسلة التي تبدأ منذ العصور المبكرة وتتدرج على مر السنين، تارة تزدهر وتارة أخرى تكبو، وتنتهي في آخر الأمر بخاتمة مرة، إلا أنها كانت الخاتمة لشعب مكافح عاش قرونًا طويلة أدى فيها واجبه كاملًا كشعب حر مستقل.
وعلينا أن نتساءل الآن، وفي معرض الحديث عن النتائج التي تعود علينا من دراسة التاريخ المصري القديم، هل نستطيع غض النظر عن أهرام مصر وعن آثارهم المختلفة القائمة فيها، وعن تلك التحف الرائعة التي تملأ متاحف العالم في أوروبا وأمريكا؟ وبعبارة أخرى هل نستطيع تصور وجود جيل من الناس ينظر نظرة عابرة إلى الأهرام بلا دهشة وبلا إعجاب؟
إني أعتقد أنه ما دامت هناك مشاعر الاحترام تملأ قلوب بعض الناس عندما ينظرون إلى الهرم، وما دامت هناك رغبة ملحة في التعرف على أحداث التاريخ المصري القديم، فليس هناك ما يدعونا إلى ذلك التساؤل، فلتطمئن قلوبنا! إن اعتراف الناس بأهمية التاريخ وبعظمة الحضارة المصرية، فيها ما يكفي للرد على السؤال الثاني الذي ورد ذكره في مستهل هذه الكلمة.
وما زالت بعض فترات التاريخ المصري تحتاج إلى إيضاحات ومعلومات، كما لا تزال أعمال الحفر تسفر عن نتائج قيمة تلقي ضوءًا على التاريخ المصري، وهكذا نضطر إلى الوقوف على نتائج المكتشفات الحديثة لتطبيقها؛ لذلك نرى لزامًا علينا إصدار كتاب تاريخي جديد باللغة الألمانية.