|

كتاب السينيور – رواية

وصف الكتاب

كتاب السينيور – رواية   تأليف عزت صافي.

نتابع دربه نزولاً حتى وصل إلى فرن، وعند الفرن وجد نفسه فصلاً على الوادي، تذكر شجر “ميس” كبيرة، حيث كان كبار السن ينعمون تحتها بمتعة الجلوس في ظلال الأمسيات، وعندما لم يجد الشجرة أدرك أنه أخطأ المكان، دخل الفرن فوجد امرأة وحيدة متكئة على لوح خشب، وأمامها بعض الأرغفة، لم يشم رائحة طحين، ولا رائحة عجين، ولا رائحة خبز، فسأل المرأة عن “حارة الأفندي” فقامت من مكانها وتقدمته إلى خارج الفرن، قالت له وهي تشير بأصابعها: “حارة الأفندي خلف ذاك البيت الأصغر بعد ذلك البيت تماماً سوف ترى “منشرة”.

وخلف “المنشرة” تطالبك بوابة “حارة الأفندي”… ومشى السينيور نحو المنشرة فرأى أمامها بوابة “حارة الأفندي”، كانت مقفلة؛ كانت غرفة الحارس “عساف” مفتوحة، ولم يكن هناك “عسافاً”، كانت الحرارة عالية، ولم يكن ثمة ظلّ لشجرة، فقد اختفت شجرات الكينا الدهرية، واختفت غابة الصنوبر و”فندق الهرم”.

تطلع السينيور إلى “ذات يوم تاريخ غير محدد وصل السينيور إلى بلدة “ربوا” وراح يمشي بين بيوتها فلم يعرف أحداً، ولم يعرفه أحد، ظنّ أنه أخطأ البلدة، فسأل عن الطريق إلى “حارة الأفنديّ”، فقال له رجل عجوز جالس على شرفة مخفية فوق الطريق: تابع دربك نزولاً حتى تصل إلى الفرن، هناك، أسأل أحداً فيدلك على الطريق إلى حارة الأفندي.

تابع دربه نزولاً، وهو يتطلع إلى كل بيت على الجانبين، بيوت كثيرة فوق الطريق وتحت الطريق؛ كان يتوقف ويتلفت يميناً ويساراً باحثاً عن علامة تؤكد أنه في “ربوا”، فلم يجد علاقة واحدة تذكره بها؛ كل البيوت أمامه باطون وألومنيوم، لا حجر، ولا خشب، ولا تريد؛ وتذكر بيتاً في “ربوا” كان يسمى “البيت الأحمر” فراح يبحث عنه فلم يعثر عليه، وسأل فتىً عابراً فأجابه: أنك تقف أمامه.

تطلع “السنيور” إلى “البيت الأحمر” فلم ير على سطحه علم “المنجل والمطرقة” إنما رأى علماً أبيض عليه صليب وهلال، فاكتشف أن “المنجل” صار هلالاً، و”المطرقة” صارت صليباً الخلف، ولم يكن خلفه إلا المنشرة، وبقايا جذوع من أشجار صنوبر، وسنديان، وزيتون، وجوز، ودلب… عاد السينيور ووقف على كتف الوادي، وتطلع صوب النهر، فلم يسمع له صدى… وتردّد السينيور قبل أن يطلع إلى تلة “ربوا” حيث مستديانة “ياسمين”.

خاف ألا يجير السنديانة، لكنه وجدها في مكانها، كانت السنون قد تراكمت على الجذع طبقات، طبقة فوق طبقة، أربعون طبقة تراكمت، وقد بلغت “ياسمين” السابعة والأربعين، وما تزال طفلة في رحم السنديانة دار السينيور حول السنديانة، كأنه يدور حول مزار مقدس، وتلمس الجذع، كما لو أنه يتلمس أيقونة، أكثر من مرة تلمّس الجذع في موضع نقطة النون فوق آخر حرف من اسم “ياسمين”، رمت به أمواج الغربة حيث استقر عند عمه في الأرجنتين.

كان لبنان مزروعاً في حناياه، كما بلدته ربوا في فؤاده، كانت هفوة دفع حياته ثمناً لها عندما استجاب لدعوة عمه، ولكن وعندما أراد العودة بعد رحلة أتعبته تجاربها؛ علّه يجد الراحة في لبنان، لم يجد في لبنان ذاك سوى الأطلال.

رواية ينتقل مسرح أحداثها في بيروت إلى ربوا ثم على ظهر سفينة كانت محطاتها إيطاليا ثم الأرجنتين في فترة الأربعينات.

 

ملف الكتاب  قناتنا على تيليجرام

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *