كتاب مسار المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي
كتاب مسار المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي المؤلف :عبد السلام جمعة زاقود اللغة : العربية ترجمة : غير موجود سنة النشر : 2014 عدد الصفحات : 294 نوع الملف : مصور |
كتاب مسار المصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي تأليف الدكتور عبد السلام جمعة زاقود.
انقسم الكتاب منهجيا إلى تقديم، ومقدمة، وخمسة فصول، وخاتمة، مع تقديم للباحث والكاتب الموريتاني الحسين الشيخ العلوي.
وقد ورد في التقديم تحليل شمولي للوضع السياسي الليبي منذ الاحتلال الايطالي في 1911 وحتى 2012، مركزا على ما سماه المقدم العقلية “البدوية ” التي حمّلها نصيبا معتبرا من فشلٍ كان السبب في ثورة 17 فبراير/ شباط 2011 على النظام السابق -على حد وصفه- الذي نقل قيم البداوة إلى السلطة، وهو ما تأثرت به النفسية الليبية.
ويلاحظ على التقديم أنه لم يمهّد الطريق السالكة إلى التحليل العلمي بين تداعيات خصائص العقلية البدوية وانتهاكات حقوق الانسان في المشهد الليبي الحالي، حيث نسب إلى المنظمات الحقوقية قولها إن ما ارتكب حديثا يفوق ما ارتكبه النظام السابق!
كما أن الخصائص التي وسم بها التقديم العقلية البدوية، ليست على إطلاقها، لأن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الإبن، – مثلا- رفع غداة هجمات 11 سبتمبر 2001 شعار “من ليس معنا فهو ضدنا”، فهل يجوز وصف السلوك السياسي الأمريكي بأنه سلوك بدوي!! (وهذا ما انتبه له المؤلف نفسه في بعض هوامشه).
كما ورد في التقديم القول بقاعدية “لا تزر وازرة وزر أخرى”، وربما كان الصواب هو أنها آية قرآنية يمكن استنتاج قاعدة منها.
أما المؤلف، فقد أشار في البداية إلى أنه تهيّب كثيرا خوض غمار هذه التجربة، رغم عدالة قضيته الوطنية وحرصه على بيضة الدولة الليبية ووحدة شعبها وتماسك قبائله.
ثم تناول المؤلف – بعد ذلك – المداخل الأساسية للموضوع مناقشا جملة من المفاهيم العامة حول الوطن، الوطنية، والمواطنة، الشعب، الدولة، السيادة الوطنية، السلم الاجتماعي، الحكم الرشيد.
وتعرض المؤلف لتفسير مبادئ المصالحة الوطنية في ثمانية عشر مبدأ منها مثلا: “لا غالب ولا مغلوب “ليبيا الغالبة”، عدم استخدام العنف باسم الله تعالى، الأصل في الإنسان البراءة، احترام كرامة الإنسان، خطورة التنابز بالألقاب، التعصب القبلي والميز العنصري، خطر المكابرة والاعتزاز بالإثم، فضيلة العفو والتسامح، العفو عند المقدرة فعل الكرام.
كما عرّج المؤلف على ماهية المصالحة الوطنية وأهميتها وأهدافها وأبعادها المقاصدية، والثقافية، والأمنية، والقانونية والسياسية، والنفسية وصولا إلى البعد الإنساني العالمي، مع الإشارة إلى أهمية تحقيق المصالحة في أحوال النزاع المختلفة من النزاعات الأسرية والقبلية وغيرها.
واستعرض المؤلف نماذج من طرق المصالحة عبر التاريخ استلهم فيها قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كما وردت في القرآن الكريم، والسيرة النبوية ( مثل سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلح في المدينة المنورة، وصلح الحديبية)، وأكّد أهمية هذه النماذج، كمُثل وسنن يحتذي بها الإنسان المسلم في حياته الخاصة والعامة، ليصل بتمثلها إلى حالة العفو التام والشامل على النحو الذي ظهر في سير أولئك العظماء والسائرين على طريقهم.
كما أورد المؤلف المصالحة اللبنانية، كحالة عربية، أثبتت أنها قابلة للتطبيق (اتفاق الطائف الذي أسدل الستار على الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت عقدا ونصف من الآلام والخسائر البشرية المهولة).
ولم يغفل الكاتب تحليل آليات تحقيق المصالحة والسلم الاجتماعي مبتدئا بتحديد العوائق ومنها أبرزها: (غياب وعي وثقافة المصالحة الوطنية. وخشية المصلحين من التخوين، والقوي الخارجية ودورها في تأخير المصالحة الوطنية، غياب الدولة الراعية للمصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي ، أصحاب المصالح الخاصة، وأصحاب السوابق الجنائية، وارتفاع سقف مطالب التصالح ).
ويعتبر الكاتب أن هناك دولا يمكنها لعب دور راعي المصالحة والسلم الاجتماعي، حيث توجد مصر والسعودية على المستوى العربي والسعودية، هناك فرنسا والنمسا، ويشير الكاتب إلى فكرة الوسيط الدولي هذه الفكرة مستقاة من تجارب لبنان وزيمبابوي.
ويحلل المؤلف روافد المصالحة ليبياً (ومنها وحدة الدين الإسلامي، والاشتراك في منظومة القيم والعادات الاجتماعية، وتدني الكثافة السكانية، علاقات النسبية والمصاهرة داخل المجتمع)، ليحدد بعد ذلك خطوات المصالحة وأشكالها، ووسائلها (وأهمها: التسامح، العفو، العدل، الإحسان، الشوري، الأخوة الإيمانية، الوحدة الإنسانية، الاعتراف بالآخر).
وفي نفس السياق يحدد المؤلف إجراءات عملية لتحقيق المصالحة مثل : إنشاء وزارة للمصالحة الوطنية والسلم الاجتماعي يعهد إليها بملف المصالحة، وتمنح الصلاحيات التنفيذية المناسبة لذلك.
ثم يختتم الكتاب بخلاصات أجمل فيها تفاعلات الأحداث في ليبيا ومخلفاتها السلبية، ونوه بمخاطر الأسلحة المنتشرة بين الناس مطالبا بجمعها من الجهات المختصة، وإبعادها عن متناول العابثين، ومناديا بحفظ الأمن وحراسة حدود الوطن وهي مسؤولية دينية وأخلاقية يتحملها الجميع، منهيا حديثه عن خطورة نهب الأموال العمومية ملتمسا من الفاعلين لذلك بالرجوع إلى الحق.