| |

كتاب انحطاط الحضارة الأمريكية لـ موريس بيرمان

 
d0936 583
 انحطاط الحضارة الأمريكية

عنوان الكتاب:  انحطاط الحضارة الأمريكية

 

المؤلف:  موريس بيرمان 


المترجم : حسين الشوفي 


الناشر: دار المدى للثقافة والنشر


الطبعة: الأولى 2010 م


عدد الصفحات: 230

حول الكتاب

أعتقد أن من البديهي القول إن الكاتب يكتب لنفسه بقدر ما يكتب لقرائه. وبالنسبة لي – وأنا أزعم أن هذا صحيح بالنسبة لكثير من الكتاب – أجد أن عملية البحث والكتابة هي طريقة للعمل من خلال معضلات صعبة الحل، ومن خلال فهمنا لمسائل مثل أين كانت حضارتنا وإلى أين تتجه؟ وهذه المعضلات ليست مشكلات فكرية مميزة أستطيع أن أستكشفها دون تحيز. لأنها لو كانت كذلك فيحتمل ألا أهتم بها. إنها معضلات أشعر أنني في وسطها لأنني جزء من الحضارة التي أصفها. وهكذا فإن الكتابة قد تصبح تنصلا من محاولة إيجاد الحلول لمشاكل معينة.
 إن الحضارة الأمريكية في ورطة يشعر بها ويحسها ملايين الأمريكيين مع إطلالة القرن الواحد والعشرين. وبعض المئات منهم يكتبون الكتب والمقالات عنها، موثقين اتجاهاتها ومحللين أسبابها.
ومؤلفات مثل “انتظار البرابرة” للويس لابهام أو ”إمبراطورية قفر” لروبرت كابلان، تملأ رفوف المكتبات، وتجد نصوص كثيرة من هذه المؤلفات والمقالات طريقها إلى بعض أفضل مجلاتنا القومية. والجدير بالذكر أن ما تطرحه من مسائل ليس خطا. فما تقدمه من توثيق للأنظمة المدرسية المتهاوية، والأمية الوظيفية المنتشرة على نطاق واسع، وجرائم العنف، وعدم المساواة الاقتصادية الصارخة، واللامبالاة، وما يسمى “بالموت الروحي” يقطع الأنفاس. إن الأمر لا يحتاج لـ ”إمرسون” أو ”اينشتاين” لإدراك أن النظام الرأسمالي فقد مرساته وهو يجنح بشكل متزايد نحو حالة اختلال وظيفية مثل روما القديمة.
وما يزال لدينا ثقافيا وعلى مستوى الأفراد العديد من الطرق لإخفاء هذه الحقيقة عن أنفسنا. فهناك الكثير من المسكنات حولنا، مثل الدمى والألعاب الإلكترونية الجديدة التي تندفع نحونا باستمرار وثبات، ووسائل الإعلام البارعة التي تغرق البلد بالمشاهد التي تجعل عقولنا باستمرار مركزة على الأمور السخيفة والمثيرة مثل محاكمة أو.جي. سمبسون، وموت الأميرة ديانا، وحياة بيل كلنتون الجنسية، ومعلومات التسلية على طريقة السي. ان. ان.
 لكن المسألة أعمق من هذا بكثير، ومهما بدا هذا متناقضا، فإن انحطاط حضارتنا هو حيويتها. وقوة أمريكا واضحة للعيان، وهي أول شيء يلاحظه زوار هذا البلد وغالبا ما يعجبون بهذه القوة. يلاحظ الزائر دائما انشغالا ما في الجو العام : فيلم جديد أو فضيحة أو فكرة جديدة يتجاذبها الناس لعدة أيام، وطبعا يلاحظ تقلبات سوق المال التي لا تتوقف أبدا.
كيف نتكلم عن انحطاط الحضارة الأمريكية بينما نسمع تأكيد الرئيس كلنتون في خطاب حالة الاتحاد في 1999 أن الاقتصاد الأمريكي هو أقوى اقتصاد في العالم منذ ثلاثين سنة، وأن البطالة منخفضة وأن ازدهارنا واضح. ولكن الذي لم يخبرنا به الرئيس كلنتون هو أن هذه المعلومات التي قدمها لنا والتي بذل كثير من المحللين جهدا كبيرا في توثيقها هي معلومات مضللة، وهذا التضليل مقصود.
 يتمتع بهذا الازدهار والرخاء المشار إليهما الأغنياء فقط، بينما الواقع مختلف كثيرا بالنسبة لمعظم الأمريكيين، وأغلب مبادرات الرئيس باتجاه المساواة الاقتصادية ليست إلا براعات علاقات عامة قيمة في مظهرها لكنها فارغة المحتوى. والحقيقة هي أن الهوة بين الأغنياء والفقراء اتسعت في عهد كلنتون ليس أقل من اتساعها في عهد ريغن وبوش، وأخذت الطبقة الوسطى بالاضمحلال تدريجيا حتى أصبحت في وضع خطر.
آمل أن أبين في الصفحات القادمة أن ما نتبجح به عن القوة الأمريكية ليس واقعيا أبدا. لا يكفي أن نقول أن نشاطاتنا تغطي مختلف مناحي الحياة، ولكن يجب أن نقول إننا نقوم بأداء انحطاط حضاري عميق منا وصف كتاب أوزولد سبنغلر من 1918 -1922 “انحطاط الغرب”. كل حضارة لها مرحلة أفول تتحجر في فترة كلاسيكية محتفظة بالشكل فقط ولكنها تفقد محتواها أو روحها الأساسية. هذا ما حصل للحضارات المصرية والبيزنطية والماندرينية. وقد سميت هذه الفترة في الحضارة الأمريكية ”حضارة الاستهلاك ” أو “الشركة التجارية الاستهلاكية المتحدة” كما سماها العالم السياسي بنجامين باربر. وإذا تفحصت أي إعلان تلفزيوني لشركة نايك أو بيبسي ستجد أن هذه الشركة فيها حيوية كبيرة جدا. المشكلة هي أن هذه الشركة او تلك هي نفسها الانحطاط الحضاري الذي أتكلم عنه.
 

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *