| |

كتاب حكى الطائر سعد الله ونوس لـ عبلة الرويني

حول الكتاب
في دراستها عن مسرح سعد الله ونوس (1941 ـ 1997) تختار الناقدة عبلة الرويني عنواناً مثيراً لكتابها هو «حكي الطائر» ويبدو سعد الله ونوس (الحكاء) الذي طالما اعتبر الحكاية في المسرح الضمانة الرئيسية لشد المتفرج في العمل المسرحي وجذب انتباهه، فالحكاية هي البلسم والترياق.. الحقيقة والخيال.. كتاب «الرويني» هو دراسة تفصيلية حول المرحلة الأخيرة في إبداع «ونوس» التي بدأت بالاغتصاب وتشمل (منمنمات تاريخية ـ طقوس الإشارات والتحولات ـ يوم من زماننا ـ أحلام شقية ـ ملحمة السراب ـ الأيام المخمورة).. هذه المسرحيات التي يمكن أن نعتبرها المرحلة الثالثة في مساره ككاتب مسرحي، ودراسة عبلة الرويني هي دخول في العوالم المتعددة المتنوعة لهذه المرحلة، ولعل في هذا ما يُغني حركة النقد والفكر في ثقافتنا العربية الحديثة، كما يدفع إلى إعادة النظر والتفكر والتأمل في البداهات والمسلمات.. فالنص المسرحي الذي كتبه سعد الله ونوس في هذه المرحلة هو نص إشكالي، فبعد مرحلتين واضحتين، مرحلة البدايات (وأغلب النصوص فيها هي نصوص قصيرة) ومرحلة ثانية (تميزت بالالتزام المسرحي والانخراط المباشر في العمل المسرحي) يظهر واضحاً في المرحلة الثالثة والأخيرة أن الكتابات المسرحية تخرق المألوف لديه على عدة مستويات.. إنها باختصار الكتابة الحرة.. وكتاب «الرويني» يغوص في هذه المرحلة ويشير إلى المتغيرات العديدة التي فرضت تحولاً في شكل الكتابة وبنيتها ورؤاها، دون أن يعني ذلك تناقضاً وانقلاباً على جوهر فكره ومشروعه الجمالي.
يتضمن الكتاب ثلاثة أبواب، الباب الأول بعنوان «نص الحكي» تفتتحه عبلة الرويني بـ «السؤال الديمقراطي» في مسرح ونوس، والديمقراطية هنا هي نوع من ابتكار حرية مجازية تقاوم القمع وشرط أساسي لتجاوز الخطابة والتحيز والتلقين، يليه تنتقل الكاتبة بعد ذلك إلى «رحلة في مجاهل موت عابر» حيث الحكاية أقوى من الحياة مكررة ومن الموت، إذ لا شيء يكتمل، سواء أكانت الحياة أم الموت، وفي قراءتها لمسرحية «طقوس الإشارات والتحولات» ترى الكاتبة أن النص يتأسس على قراءة الجسد كموضوع للحقيقة ونواتها العميقة في تعارضه مع الظاهر السائد، وفي تحركه خارج الأعراف والقيم، وفيه يخترق «ونوس» كثافة العالم الخارجي، إلى شفافيته الممتدة شوقاً إلى المطلق، إلى ما لاينتهي وبحثاً عن حقيقة وحيدة كبرى هي الحرية.‏ أما في «الأيام المخمورة» آخر مسرحيات الكاتب، فتتحدث عبلة الرويني عن التهام آخر يختلف عن الالتهام في مسرحية «الملك هو الملك»، ثم بعد ذلك وفي فصل «الأخلاق الصورية في نص ونوس» تقدم الناقدة قراءة لمسرحية «الاغتصاب» أكثر نصوص ونوس إثارة للجدل، بحجم تناولها لإشكالية الصراع العربي الإسرائيلي، وبحجم اختلاف زوايا النظر إليها كنص مثقل بالاحتمالات والتحولات في نهاية الباب الأول «نص الحكي» تقدم الناقدة قراءة لمسرحية «منمنمات تاريخية» وترى بأن هذا النص يقدم الإدانة للعصر الذي يتضاءل فيه إعمال العقل، ويتراجع فيه الاجتهاد، وينطوي عقل الأمة على التعصب والتقليد والاتباع…

أما الباب الثاني للكتاب وهو بعنوان «مشهد الحكي» فيتضمن دراسات نقدية للعروض المسرحية التي قدمت لسعدالله ونوس في القاهرة… الباب الثالث والأخير في الكتاب بعنوان «لقاء الحكّاء» ويتضمن حواراً أجرته عبلة الرويني مع سعدالله ونوس أثناء انعقاد مهرجان دمشق المسرحي العاشر، والحوار يلامس عدة موضوعات إشكالية منها: مكانة المسرح في إطار الواقع ـ فاعلية المسرح ـ مفهوم مسرح التسييس ـ دور المثقف العربي ومعنى الكتابة في هذا الزمن.‏ إلى ذلك.. يشكل كتاب «حكي الطائر» مواصلة مكثفة لما سبق أن كتب عن مسرح سعدالله ونوس، ولعله يحمل نظرة أكثر شمولية إلى نتاج هذا الكاتب في تحولاته والكتاب بهذا يشكل واحداً من المراجع الأساسية حول مسرح ونوس عامة ومسرحياته الأخيرة بشكل خاص.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *