كتاب مالك بن نبي دراسة استقرائية مقارنة لـ مولاي الخليفة لمشيشي
كتاب مالك بن نبي دراسة استقرائية مقارنةالمؤلف : مولاي الخليفة لمشيشي اللغة : العربية دار النشر : دار النايا – دار محاكاة سنة النشر : 2012 عدد الصفحات : 198 نوع الملف : مصور |
والكتاب، موضوع العرض، يعد بمثابة تطوير لأطروحة الدكتوراه التي ناقشها الأستاذ مولاي الخليفة لمشيشي.
يستحضر المؤلف “قضية تأصيل مناهج العلوم الحديثة من خلال مشروع رجل خبر كل المعارف والعلوم في أوروبا، حيث اشتد عودها على غير استقامة” وهو بذلك يضع الأصبع على الجرح الذي لا يزداد إلا اتساعا في قلب الأمة الإسلامية؛ إذ الأزمة التي تتخبط فيها معظم القطاعات ببلداننا الإسلامية هي أزمة ذات بعد معرفي “انعكس على الجوانب العلمية والتكوينات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية”، ولا غرابة أن نجد مالك بن نبي يعي مدى تأثير المعرفة والعلوم الإنسانية “على الإنسان والمجتمع الغربيين” ومن خلالها العالم الإسلامي كذلك، ليقدم لنا مشروعا تنويريا تستفيد منه مختلف الروافد الثقافية الإسلامية لإمكانية تحقيق النهضة المنشودة، وتجاوز مشكلات الحضارة، عبر تمتين شروطها والتمكين لها.
القوة المعرفية والجدة التي يتميز بها الكتاب تتجلى في التماس “معيارية إسلامية في التعامل مع مفاهيم الفكر الغربي المعاصر” وبالوقوف على مفاهيم تنتمي لحقول معرفية غربية كعلم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم التربية، وفلسفة التاريخ، وعلم السياسة، ومنهج توظيفها في مشروع مالك بن نبي.
قسم الكتاب إلى مدخل وست فصول رئيسية مع خلاصة ونتائج، المدخل جعله المشيشي، حديثا عن المنهج يبتغي من خلاله الوقوف واستبيان مشروع فكري متكامل ومترابط في تحليله لقضايا متعددة من منظور واحد “مشكلات الحضارة”، فلابد أن يكون قد حصل لصاحبه ذلك من خلال منهج خاص يجعل هذا العمل الفكري والتاريخي خاضعا لمجموعة من القواعد والضوابط ومتناسقا وفق نواظم معيارية راسخة، بحيث لا يمكن فهم أغراض ومرامي المؤلف من مشروعه إلا بفهمها. فبتحديد المنهجية، حسب المؤلف، يتم الكشف “عن المنهج من خلال نوعية المنطلقات، وطبيعة الوسائل، ونوع الخبرة الفكرية الموظفة في كل مجال بعينه” وهذا كله من أجل تحييد الفوضى والغموض الذي يكتنف كل مشروع، فما بالنا بالمشروع الحضاري لمالك بن نبي الذي حاول الكتاب أن ينتصر إلى منهج حضاري لدى صاحب “مشكلات الحضارة”.
في الفصل الأول من الكتاب يعرض المؤلف لمقدمات حول مشروع “مشكلات الحضارة” كما يقف على المحطات الأساسية لمساره العلمي، مستخلصا شذرات من سيرته من خلال “مذكرات شاهد القرن” ومستعرضا بعد ذلك لأهم كتاباته، وأبرز الكتب والرسائل الجامعية والبحوث التي تناولت فكره بالتحليل والمناقشة، مرورا بالإطار التاريخي، المفسر للتراجع الحضاري للأمة سعيا لتلمس معالم النهوض المتجدد للمجتمعات الإسلامية، مستعرضا لموقف وموقع مالك بن نبي من الحركة الإصلاحية “التي عايشت أزمة التكيف مع العالم الحديث” وهل علاقته بها كانت علاقة تماهي أم علاقة تجاوز لمقوماتها الإصلاحية سعيا إلى ما هو أبعد. كما وقف المؤلف على حضور فكر مالك بن نبي في المتن الروائي للمفكر المغربي عبد الله العروي من خلال روايته “أوراق”.
ينتقل المشيشي في الفصل الثاني إلى إجراء قراءة مفاهيمية ومعرفية لمصطلحات: النهج، العلم، الأخلاق، سعيا منه لتحديد منهج البنابي العام الحاكم للمشروع، وذلك بالإجابة عن سؤال العلاقة بين الأخلاق والعلم، وعواقب الفصل بينهما على المستوى الفكري والاجتماعي والاقتصادي والحضاري العام.
كما حاول المؤلف استنباط المنهج الذي بلوره مالك بن نبي في سعيه لفهم الفكر الغربي الحديث، انطلاقا من المصادر المعرفية الإسلامية، وطرق تعامله مع أصول هذا الفكر، وهو المنهج الذي حدده الكاتب في منطلقين أساسيين:
1. رسالة المسلم العادية.
2. الاستيعاب والتجاوز.
وفي كل من الفصل الثالث والرابع والخامس والسادس؛ وقف المؤلف مليا على مناهج العلوم الغربية وهي على التوالي: علم النفس، علم الاجتماع، علم التربية: الإنسان- التغيير- التربية، وعلم السياسة.